خطاب سيادة المطران فؤاد الطوال | Custodia Terrae Sanctae

خطاب سيادة المطران فؤاد الطوال


خطاب سيادة المطران فؤاد الطوال في القداس الاحتفالي الحبرﻱ - القدس، 19 تشرين الثاني 2005
صاحب الغبطة البطريرك ميشيل صبّاح، أصحاب السيادة الأساقفة الأجلاء، اخوتي الكهنة والرهبان وأخواتي الراهبات، أيها المباركون بالرب
“عليكم النعمة والسلام من الله أبينا ومن ربّنا يسوع المسيح، الذي به نلت النعمة لأكون رسولاَ وخادماَ من أجل اسمه” (رومة ١؛ 5).

أقدم شكري لله تعالى، الذي اختارني كاهناً في البطريركية اللاتيني،ة والذي شاءت إرادته القدوسة أن يرسلني لأخدمه “في أقاصي الأرض”؛ في أمريكا وأوروبا وأفريقيا…، وأعادني في نهاية المطاف إلى البطريركيّة، والى موطني الذي افتخر بالانتماء إليه، وهو موطن السيد المسيح، لأكون شاهداَ على موته وقيامته، وخادماَ للجميع. أعود إليكم “وفي قلبي خوف ورعدة” لجسامة المسؤولية وكثرة التحديات. أعود ولديّ شعور بمحبتكم وتعاونكم، لِنكمل مسيرة الخلاص في أرض الفداء التي من أجلها كرسنا حياتنا حباَ لله وخدمة للكنيسة.
أعلن إيماني بالكنيسة الكاثوليكية وبانتمائي لقداسة البابا بندكتوس السادس عشر، وأضرع إلى الله تعالى أن ينيره بنعمة الروح القدس فيكون في العالم – نورا يقود شعب الله إلى ميناء الخلاص- وصوتاً منادياً بالحق والعدل والمساواة، وضميراً يؤنّب العالم على الظلم والكفر وقلة الإيمان.

بكل محبة واحترام، نقف إلى جانب غبطة البطريرك ميشيل صبّاح، للعمل معه، بكل ما يرتئيه هو، لخير البطريركية اللاتينية، على امتداد صلاحيتها في الأردن وفلسطين وإسرائيل وقبرص. في أرض اتّسعت فيها المعارك من أجل السلام والوئام بين الشعوب، وغبطته من الحكماء الذين قادوا معركة العدل والسلام متكلاً على الإيمان بالله، من أجل خير الناس على اختلاف أطيافهم ومذاهبهم.
من هذه الأرض المقدسة، التي شهدت آلام وموت وقيامة السيد المسيح، ألتمس المساعدة من جميع من يهمه أمر خلاص النفوس، مِن أساقفة وكهنة ورهباناً وراهبات، وممن اتّبعوا المسيح من الباب الضيق، وكرّسوا أنفسهم لخدمة الإنجيل، متذكّرين أنّنا في قارب واحد، يحتاج إلى حكمة في الإدارة، ورؤية واضحة لاستكشاف أفاق المستقبل. وإنني لأتطلع إلى تعاون مثمر والى مشاركة جادة لخدمة شعب الله.
إن اختيار الله لنا – رغم ضعفنا البشري- لحمل أعباء هذه المسؤولية يعطينا الشعور وكأنّه تعالى يريد أن يعمل وحده بغنى عمّا نحن عليه، لكي لا تزداد الأمور تعقيداً. فعلى اسمه الاتكال.

أيها الاخوة: إنّ الحروب والنزاعات والانقسامات بين الدول والشعوب وحتى في داخل الكنيسة تتوالد وتتكاثر وتتمركز أوّلاً في القلوب، قبل أن ترى النور على ساحات القتال، “فمن القلب يخرج ما ينجس الإنسان من القلب تنبعث المقاصد السيئة والقتل والزنى والسرقة والنميمة وشهادة الزور…” (متى ١٦؛ ١٨) لذلك يكمن العلاج في إصلاح الذات أولاً وفي طهارة القلب، وفي صحوة الضمير وفي مخافة الله والارتداد إليه بتوبة تقدّس الذات وتحصن النفس في وجه رياح الأنانية والخطيئة. وإن لم نرفع قلوبنا إلى العلى وإن لم ينبع الإصلاح من الداخل عن إيمان وقناعة ذاتية فباطلاً يتعب البنّاؤون، وعبثاً يطول الجدال والمطالبة بالإصلاح.

السامرة جزء عزيز من أرض البطريركية وليست ببعيدة عنّا وهي الأرض التي أنجبت السامري الرحيم. وأنا على يقين أن البطريركية قادرة على أن تنجب مئات السامريّين الرحماء الذين سيلتقطون الجرحى والمهمّشين ويداوون المرضى ويعودون المساجين ويكسرون خبزهم للجائعين ويفتحون قلوبهم لمن ضلوا سبيل المحبة والتسامح والغفران.

نتابع مسيرة الحوار المسيحي الإسلامي بالتعاون مع السلطات المعنيّة، كما نتابع الصلاة والحوار مع جميع الأطراف لأجل السلام في بلادنا وفي قلوبنا، ونحن على يقين، من أن الذي بدأ العمل الصالح فينا سيسير في اتمامه الى يوم المسيح يسوع (فيليبي6؛1). شكراً لوجودكم معنا، شكراً لمحبتكم ولصلاتكم، نحن بأمس الحاجة إليها. … المطران فؤاد طوال عشية عيد يسوع الملك
القدس، 19 تشرين الثاني 2005