تبادلت الكنائس المسيحية في القدس المعايدات بمناسبة حلول الميلاد المجيد، ليس فقط خلال شهر كانون الأول، بل وأيضاً في أوّل شهور السنة الجديدة، ما بين التاسع من كانون الثاني والعشرين من الشهر نفسه. جال رؤساء الكنائس الكاثوليكية والبروتستنطية معاً في شوارع القدس القديمة، متنقلين بين بطريركية وأخرى لمعايدة الكنائس الأورثوذكسية التي تحتفل بعيد الميلاد في السابع من كانون الثاني وفقاً للتقويم الجولياني. وكانت الكنائس الأورثوذكسية أيضاً قد هنأت الكاثوليك بالأعياد الميلادية في التاسع والعشرين من كانون الأوّل، حيث قام حارس الأراضي المقدسة، الأب فرانشيسكو باتون، باستقبال سائر ممثلي الكنائس المختلفة.
سادت صباح اليوم التاسع من كانون الثاني أجواء باردة لطفتها أشعة الشمس الدافئة. استيقظت البلدة القديمة على ايقاع ضربات عصي القوّاسة. وهكذا بدأت مسيرة تبادل المعايدات، حيث تنقّلت الكنائس بين بعضها البعض طوال الفترة الصباحية، من بطريركية إلى أخرى.
من ناحيتهم، تجمّع الرهبان الفرنسيسكان أيضاً، وعلى رأسهم حارس الأراضي المقدسة ونائبه الأب دوبرومير ياشتال اضافة إلى الأب دافيد غرونيي، متوجّهين في البداية إلى بطريركيّة الروم الأرثوذكس. علق الأب الحارس قائلاً: "بهذه المناسبة، نصلّي كي تصل رسالة الميلاد إلى قلوب جميع الرجال والنساء؛ وأن تحمل السلام إلى هذه المنطقة، والشرق الأوسط والعالم بأسره". كما وشدّد الأب فرانشيسكو باتون في خطابه الذي ألقاه أثناء المعايدات، على أهميّة "الرباط الأخوي" التي يجمع بين الكنيستين اللتين "تستمران في العمل معاً". من ناحية أخرى، قدم البطريرك ثيوفيلوس الثالث شكره مذكّراً بأن "تقوية هذا الرباط أمر ضروري، خاصّة في هذه اللحظات الصعبة التي تشهد نموّا متزايداً للتطرف والإضطهادات"، وأنّنا نقوم بذلك منقادين "للقوة التي تأتي من الرجاء".
اختُتم اللقاء كالعادة بتناول القهوة وإنشاد ترنيمة ملأت أنحاء الديوان، ثمّ انطلق الوفد متجهاً نحو بطريركية الأقباط الأورثوذكس. وهناك، قام الأنبا أنطونيوس باستقبال الأب الحارس، الذي وجّه إليه ولسائر أبناء الكنيسة القبطية التهاني بمناسبة حلول الأعياد الميلادية. من ناحية أخرى، حرص الأب الحارس في خطابه على التذكير بواجب ألا تكون هذه المعايدات مجرّد شكليّات نقوم بها، وأردف قائلاً: "يتضمن لقاؤنا هذا أكثر من ذلك بكثير: فهنالك الرغبة بالمشاركة فيما نؤمن به، وإدراك هذا السرّ عينه الذي نحتفل به". وكذلك سيفعل الأب الحارس مرّة أخرى لدى زيارته للكنيسة الأثيوبية لاحقاً. حضر اللقاء لدى الأقباط أيضاً ممثل عن أسقف السريان الكاثوليك ورئيس أساقفة الروم الملكيين الكاثوليك، اللذين رغبا هما أيضاً بمعايدة الكنائس الأخرى. وبعد أن تناولوا كأساً من الليكور وبعض الشوكولاتا، تعبيراً عن الفرح المشترك، غادروا المكان من جديد يتبعون القوّاسة.
أمّا المحطة الأخيرة فكانت لدى الأثيوبيين الأرثوذكس. ومن جديد صافح الأب الحارس، فرانشيسكو باتون، بحرارة قادة الكنيسة الأثيوبية متمنّياً لهم "ميلاداً يسوده السلام والرجاء". انتهت بذلك الزيارات التي تمّت في التاسع من كانون الثاني، وعاد الوفد إلى دير المخلّص.
توجّه الوفد في العشرين من كانون الثاني، لمعايدة الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية. تم استقبال الرهبان في قاعة الديوان الرحبة، وشارك في الزيارة كل من نائب الحارس الأب دوبرومير ياشتال وأمين سرّ الحراسة الأب دافيد غرونيي، بسبب غياب الأب الحارس الذي غادر البلاد في زيارة إلى ايطاليا. من ناحيته تمنّى نائب الحارس، الأب دوبرومير ياشتال، للكنيسة الأرمنية عيد ميلاد سعيد وسنة مباركة، وأردف قائلاً: "يذكّرنا عيد الميلاد أن الله لا يزال يحبّنا، وأنّه لم يتركنا".
من بطريركية الأرمن، سار القواسة بالوفد إلى بطريركية السريان الأورثوذكس. وهناك، وجه نائب الحارس تهانيه إلى هذه الكنيسة العريقة، مؤكداً: "إنّ صلاتنا ترافق كنيسة القدس وأيضاً سائر الإخوة في سوريا والعراق". وتابع قائلاً: "رغم الإختلاف في التقويم المتبع، فإن هنالك أمراً واضحاً: وهو أن القدس تحتفل بالميلاد منذ شهر. وإن اختلفت التواريخ والأساليب، إلاّ أننا جميعاً نحتفل بميلاد ابن الله نفسه، الذي هو سلامنا وقوّتنا".
◄◄◄مقالات ذات صلة:
- حراسة الأراضي المقدسة تستقبل التهاني من كنائس القدس
- عيد ظهور الرب في بيت لحم، احتفال يخلق الوحدة
- تهنئة الأب فرانشيسكو باتون، حارس الأراضي المقدسة