" عِش من عمل يديك": عيد القديس يوسف العامل | Custodia Terrae Sanctae

" عِش من عمل يديك": عيد القديس يوسف العامل

1 ايار 2012


إن الأول من شهر أيار هو عيد العمال العالمي، وتحتفل الكنيسة بهذا اليوم بعيد القديس يوسف العامل، الذي اسسه قداسة البابا Pierce الثاني عشر، من أجل إضفاء صبغة الإيمان المسيحي وإعطاء معنى لهذا العيد الإنساني والاجتماعي الهام.

يُجسِّد القديس يوسف الرجل المستقيم الذي اختيرَ من قبل الرب ليكون الزوج البار لمريم العذراء المباركة وراعي المخلص، صورة ومثلاً لجميع هؤلاء الذين يكرسون أنفسهم بأسلوب نموذجي لمهنتهم، والذين ينجزون مسؤولياتهم وواجباتهم بعناية، ويعيشون حياة عامل بسيط ومتواضع وصادق في الخفاء وبصمت. ومن خلال هذا الصمت المثمر، تكلم الرب وعمِل، واصبح بيت الناصرة " مدرسة حقيقية للإنجيل"، كما صرح به قداسة البابا بولس السادس خلال رحلة الحج التي قام بها إلى الارض المقدسة في العام 1964. ففي هذه العائلة التي عاشت في الخفاء في سكون الجليل، وتأسست بحكمة واعمال القديس يوسف، الزوج المحب، والمربي الصبور لابن الله، والعامل المخلص لواجباته اليومية، وحيث أن القديس يوسف ومن خلال مواظبته على الاستماع لكلمة الرب ومتتماً لإرادته، قد رفع من منزلة العمل اليدوي مُعطياً إياه أعلى مستوى من الاهمية الروحية والإنسانية- قد نما يسوع " في الحكمة والقامة والنعمة أمام الله والناس". ومع عناية وحماية الاب المحب التي اختبرها يسوع في شخص القديس يوسف، فقد تعايش يسوع وانغمس في عالم القديس يوسف المؤمن ومهنته المتواضعة والثابتة، حيث أنه بدوره، قد كرّس نفسه للعمل اليدوي لسنوات عدة، متلقياً في نفسه وبشكلٍ كامل هذا البعد الإنساني، ولدرجة كبيرة إلى الحد الذي بات يُعرف بابن النجار، والفضل ايضا في ذلك يعود لحساسيته تجاه الجهود والمصاعب اليومية للجنس البشري.

واليوم، فإن شخصية القديس يوسف شفيع العمال ، حيّة وحقيقية وتستمر حتى في خضم الازمات وعدم الاستقرار في عالم الاقتصاد والعمل، في إعطاء رسالة ملموسة وفعّالة، وتستمر في توجيه وتوعية كل فرد بمعنى وقيمة عمل يدية ومواهبه. ويُعلِّم القديس يوسف كل مسيحي على الانضمام للعالم المهني اليومي مع مراعاة قيم الإيمان، لكي يقوم بالمهام المُلقاة على عاتقه بشفافية ومسؤولية، ولكي يرى حضور الله في بساطة الاعمال اليومية، وأيضاً لكي يُدرك إرادة الله في الخيارات التي يتخذها في سبيل النمو الشخصي والاجتماعي والمدني. ويُبَيِّن القديس يوسف لكل عامل بأن طريق الرصانة والمساواة والتعاضّد تمثل طريق أفضل لبناء مجتمع اكثر عدلاً، متنبّه لاحتياجات كل فرد؛ وبأن التواضع والتفاني يشكلان عنصران هامان لكل مهنة؛ وبأن الاعمال المادية والثقافية والروحية يمكن أن تنموا من خلال تجميع القوى والعلم؛ وبأن المجهود والتضحية لن يخذلا أبداً الإيمان والتصميم. إنها تعاليم قيّمة تلمس بعمق نفس كل إنسان وكل مسيحي، لأن العمل يمكن ان يغدوا لكل شخص منا، فرصة مميزة للإنتاج والتمثل والشهادة لأعلى القيم.

بقلم كاترينا فوبا بيدريتي