من خلال نوافذ الحراسة | Custodia Terrae Sanctae

من خلال نوافذ الحراسة

إنها المرة الثانية التي نراهما فيها، هذا العام، يقيسان ممرات الحراسة وكنائسها. هما كالوجيرو وفينتشينسو زوبّاردو، والد مع ابنه قادمان من صقليا، ويعملان في فن الزجاج لدى "أوبيفيتشيو ديلّي أرتي" (www.opificiodellearti.com). لديهم مشروع هو تكوين لائحة جَرد تتضمن جميع النوافذ الزجاجية في الكنائس التي تملكها حراسة الأراضي المقدسة. من ناحيتها، أوضحت لنا السيدة ماريا ديزي دوربانو، المهندسة المعمارية ومنسقة مشروع المحفاظة على المزارات المقدسة لدى المكتب الفني التابع للحراسة، قائلة: "ستساعدنا هذه القائمة على تحديد أعمال الترميم الضرورية، وكذلك أعمال الصيانة اللازمة لمنع تراجع حال النوافذ. هذه النوافذ هي من عناصر البناء التي يصعب مراقبتها باستمرار بسبب موقعها. كما أنها تتطلب تدخلاً من قبل متخصصين. ترغب الحراسة في تقديم هذه الصيانة لجميع المزارات وبصورة منظّمة ومنسّقة ومهنيّة."

لقد بدأ كل من كالوجيرو وفيتشينسو بأخذ بعض الصور للنوافذ، ومعهما سائر المعدات اللازمة لذلك كآلة التصوير والعصى الطويلة وجهاز الحاسوب المتنقل. ترتفع العديد من هذه النوافذ عالياً، ويصعب لذلك الوصول إليها. لا يلزم في هذه المرحلة الأولى من العمل نصب صقالة، ويكفي أن تُعلق آلة التصوير على العصا الطويلة لأخذ صور ذات وضوح كاف بإستطاعتها أن تحدد الأضرار التي يجب إصلاحها. يمكن كذلك النظر إلى النوافذ من أسطح الكنائس للحصول على تشخيص كامل. أوضح لنا فيتشينسو قائلاً: "نرى من الداخل الزجاج بصورة أفضل بينما نرى بصورة أفضل من الخارج أعواد الرصاص (التي تُجمع بواسطتها قطع الزجاج الملوّن معاً) والإطار". أظهرت الصور التي أُخذت للنوافذ في كنيسة دير المخلص، على سبيل المثال، وجود بعض النقاط على الدهان. "لا نعلم ما السبب في ذلك حتى الآن. لكننا سنتتبع بإنتباه تطور هذه الظاهرة خلال السنوات القادمة، كي نعلم كيف نتصرف."

يعمل كالوجيرو مع فينتشينسو على تحضير ملف شامل لكل كنيسة على حدى، ستظهر فيه المعلومات التالية: تاريخ البناء، وبيئته، وما يتعرض له، والمواد المستخدمة فيه اضافة إلى الحالة التي توجد فيها النوافذ من خلال صور توضيحية... كما وستُظهر الدراسة إن كانت هنالك عناصر يجب مراقبتها، أو إذا كانت هنالك حاجة إلى ترميم مُستعجل. أمّا المشكلات التي قد يواجهها الفريق فهي مرتبطة بإحدى العناصر التركيبية الأربعة: الدهان أو الزجاج أو أعواد الرصاص أو الإطار. عندما تتم حماية النوافذ الزجاجية بنوافذ أخرى من الخارج، فإن تأثير العوامل الجويّة عليها يكون قليلاً. ولكن حيث لا يتوفر ذلك، فإن العوامل الجوية تضحي مُضرّة بالزجاج، وذلك كما حدث، على سبيل المثال، في كنيسة يافا المقامة عند شاطيء البحر، والتي تتعرض للرياح والملح. كذلك فإن تعرض النوافذ للضوء من الناحية الجنوبية، يؤدي إلى إدخال تغيير على مادة الرصاص بصورة أسرع.

تم تركيب غالبية النوافذ الزجاجية لدى حراسة الأراضي المقدسة ما بين عامي 1850 و1950. وقد أدى عدم القدرة على الوصول إلى هذه النوافذ، وعدم وجود حرفيين مُؤهَلين ومتخصصين في فن الزجاج الملوَّن، إلى تعرض حاملات الزجاج لأضرار كبيرة. أضف إلى ذلك أن عمليات الترميم المستعجل التي خضعت لها بعض النوافذ، قد عرضتها إلى المزيد من الأضرار. من ناحيته أوضح لنا كالوجيرو قائلاً: "إن نوعية النوافذ القديمة أفضل من الحديثة. يبدو ذلك من خلال اللمسات الأخيرة، وهذا يعكس التطور الذي طرأ في عصرنا. ففي الماضي، كان الناس يعملون لأجل الله، كي يكون عملهم تكريماً له، حتى في أدق التفاصيل. ومع عَلمَنَةِ المجتمع الأوروبي، أصبح الناس يعملون لكي يراهم الآخرون. وبما أن تركيب النوافذ يتم في أماكن مرتفعة، فإن قليلاً من الناس يشاهدونها عن قرب ليروا ما فيها من عدم دقّة في العمل. تظهر نتيجة ذلك على مستوى مقاومة النوافذ لعوامل الزمن."

تعرّف فينتشنسو وكالوجيرو زوبّاردو على حراسة الأراضي المقدسة لأول مرّة عندما قاما بصنع نافذة من الزجاج الملون لمكتبة الحراسة، بتبرع من بعض المحسنين في صقليا. كما أنهما قاما أيضاً بترميم النوافذ في مزار جبل طابور. جاءا في هذا العام مرتين، ومكثا في كل مرّة مدّة 15 يوماً، استطاعا خلالها أن يتفحصا جميع كنائس الحراسة المزينة بنوافذ من الزجاج الملوّن. سيقومان خلال الأشهر القادمة بترتيب المعلومات التي تم جمعها، ووضع مخطط لأعمال الترميم التي يجب القيام بها. أمّا الهدف لعام 2016، فهو إنهاء هذه الأعمال، وإتمام قائمة الجرد.

نافذة معروفة

تُدخل النوافذُ الزجاجية النور إلى الكنيسة، وبرسوماتها أو قصصها تشهد لحياة المزار المقدس وحياة الحراسة. فنوافذ الكنيسة في عمواس القبيبة، على سبيل المثال، تروي انجيل تلميذي عمواس. وفي بيت لحم، قامت بلجيكا عام 1926 بتقديم النافذة الزجاجية التي تقع في الواجهة الرئيسية لكنيسة القديسة كاترينا. تمثل هذه النافذة مشهد ميلاد المسيح، كما أنها تحمل الشعار الملكي البلجيكي، وميدالية الكاردينال "ميرسيي"، وهو أحد الشخصيات البلجيكية المهمة، وكان قد توفي في ذلك العام. يشهد هذا العمل الفني على العلاقات التاريخية والدينية التي تربط بلجيكا بالأرض المقدسة والحراسة. تم ترميم النافذة في عام 2004 من قبل أحد حرفيي الزجاج في مدينة "غاند" (Gand)، وقد نالت "جائزة الإرث البلجيكي في الخارج" في شهر تشرين الثاني 2015. يتم منح هذه الجائزة من قبل الخدمة العامة الفدرالية - وزارة الخارجية البلجيكية ومؤسسة الملك بودوان. هذه الجائزة هي بمثابة تتويج وتشجيع للمبادرات التي تهدف إلى حفظ الإرث البلجيكي في الخارج. ومع إقتراب إحتفالنا بعيد الميلاد المجيد، ندعوا الجميع إلى تأمل هذه التحفة الفنية أثناء قداس منتصف الليل، كي تغدو أداةً تساعد على الصلاة والتأمل في سرّ التجسّد.

Hélène Morlet