القدس، 20 حزيران 2016
يقع المكان الذي نال فيه يسوع معموديّته، وفقاً للتقليد، في وادي الخرّار (على الجانب الأردني لنهر الأردن). ويُطلِق انجيل القديس يوحنا على المكان إسم "بين عنيا عبر الأردن" (يوحنا 1: 23). وكان قد إكتشَف هذا الموقع عالم الآثار الراهب الفرنسيسكاني ميشيل بيتشيريلّو. منذ عام 2000، أصبح هذا الموقع مركزاً روحيّاً من الدرجة الأولى يقصده الحجاج والسوّاح أثناء زيارتهم للأردن، وقد شُيّدت في المكان إحياءاً لذكرى عمّاد يسوع، عدّة كنائس تعود لطوائف مسيحية مختلفة. تعود أوّل شهادة وصلت إلينا وتعبّر عن اهمية هذا المكان إلى سنة 570، نقلاً عن حاجّ مجهول الهويّة من مدينة بياتشينزا الإيطالية. وتتحدّث هذه الشهادة عن وجود صليب محفور على عامود من الرخام وسط النهر، يشهد لذكرى معموديّة المسيح. أمّا موقع العمّاد الحالي في الأردن، فإنّه يحيي أيضاً ذكرى إيليّا النبي والعديد من المسيحيين الأوائل، النساك والحجّاج، ومن بينهم القديسة مريم المصريّة.
وعلى العكس من ذلك، عند الجانب الغربي لنهر الأردن، في منطقة تقع اليوم تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، اعتاد المسيحيّون منذ قرون طويلة على إحياء ذكرى عمّاد المسيح. كذلك فإن كنائس مسيحية مختلفة تملك هناك قطع أراضٍ أقامت فيها أماكن للعبادة على هذا الجانب من النهر الذي يعدّ الوصول إليه أسهل على الحجّاج القادمين من الأرض المقدّسة. منذ عام 1967، نتيجة للحرب التي اندلعت بين اسرائيل والأردن، أضحى من المستحيل على الحجّاج والسوّاح الوصول إلى هذه المنطقة التي أصبحت حقلاً ضخماً من الألغام (55 هيكتاراً) ومنطقة عسكريّة. تعرف هذه المنطقة بإسم "قصر اليهود". بمناسبة زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للأرض المقدسة، تمّ فتح مجال محدود للوصول إلى النهر. وفي عام 2011 قامت السلطات الإسرائيلية بنزع الألغام من مساحة صغيرة تقع بالقرب من النهر، لتسهيل عمليّة وصول الحجّاج إلى نهر الأردن من الجانب الغربي.
في هذا العام، شرعت احدى أكبر المنظّمات الإنسانيّة المتخصّصة في إزالة الألغام، وتدعى "هالو تراست" (HALO Trust) بإزالة الألغام تماماً من هذه المنطقة، وذلك بعد التوصّل إلى عدّة اتّفاقيّات مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية والكنائس المسيحية المختلفة. وهكذا فسيكون بإمكان الحجّاج الإقتراب من المكان بمزيد من الأمان، كما وستتمكن الكنائس المسيحية من التمتع بحقّ استخدام أملاكها التي لا يمكن اليوم الوصول إليها.
تشترك ثماني كنائس في ملكية هذه المنطقة. تملك الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، ممثّلة بحراسة الأراضي المقدّسة، أرضاً تمتدّ إلى الجنوب من أحد أقسام الطريق التي تربط أريحا بنهر الأردن، بينما تملك بطريركيّة الروم الأرثوذكس الأورشليمية قطعة من الأرض تمتد على الجانب المقابل تماماً، أي إلى الشمال. أمّا الكنائس الأخرى فهي تملك أراض تمتد إلى الجنوب من هاتين المنطقتين، وهذه الكنائس هي: الأرمن والأقباط والأثوبيون والرومانيون والسريان والروس الأرثوذكس.
عند مدخل الموقع مباشرة يوجد دير أورثوذكسي يدعى "Prodomos" أي "السابق"، يقع في منطقة قصر اليهود. يذكّرنا هذا الإسم بالمكان الذي منه عبر شعب اسرائيل نهر الأردن لدخول أرض الميعاد.
تملك حراسة الأراضي المقدّسة بناءاً صغيراً مستدير الشكل، تحتفل فيه بعيد عمّاد المسيح. ووفقاً للمصادر التاريخية، فقد حجّ الرهبان الفرنسيسكان إلى هذا المكان منذ عام 1641 على الأقل. في الأعلى، وبدءاً من النهر، تملك حراسة الأراضي المقدّسة أرضاً مساحتها أكبر من هذه، كنّا قد ذكرناها في بداية المقال. هذه الأرض هي عبارة عن قطعة مربّعة، يقع في مركزها مصلّى صغير مكرّس للقديس يوحنّا المعمدان، تمّت مباركته وتدشينه في 11 حزيران 1935. اعتاد الرهبان الفرنسيسكان قبل حرب عام 1967 المجيء من أريحا للإحتفال بذكرى عمّاد المسيح في هذا المكان في آخر يوم خميس من شهر تشرين الأوّل. وبعد حربّ عام 1967، استمرّ الرهبان في المجيء إلى المكان يرافقهم الجيش الإسرائيلي حتى البناء المستدير. أمّا المنطقة التي بنيت فيها الكنيسة عام 1935 فهي تقع الآن خارج الحدود، ونجد فيها لوحات تشير إلى أنّ المكان مزروع بالألغام. لا تزال جذور أشجار النخيل التي كانت تزيّن الأرض هناك موجودة. وعلى الناحية المقابلة من الطريق، هناك قطعة أرض مشابهة تملكها بطريركية الروم الأرثوذكس (Rosario PIERRI OFM, Nel Luogo del Battesimo di Gesù, in Eco di Terra Santa ]كانون الثاني وشباط 2013 [).
يحيي الرهبان الفرنسيسكان في يومنا هذا ذكرى عمّاد المسيح عند احتفالهم بعيد عمّاد الربّ في الأحد الأوّل الذي يلي عيد ظهور الربّ (6 كانون الثاني). قامت سلطات الجيش الإسرائيلي بإدخال بعض التحسينات على ضفة النّهر للتسهيل على الحجّاج عملية الوصول إلى المياه. وعندما ستتم إزالة الألغام من كافّة أنحاء المنطقة، فإن الفرصة ستتاح لإستقبال آلاف الحجّاج الذين يزورون نهر الأردن، في مختلف أماكن العبادة التي لا تزال أطلالها ظاهرة للعيان.
تشجّع منظّمة "هالو تراست" الكنائس المسيحية على خلق الوعي بأهميّة إزالة الألغام من هذه المزارع الضخمة التي تحتوي على 3800 لُغم. تُقَدَّرُ التكلفة التامّة لعمليّة تنظيف المنطقة من الألغام بأربعة ملايين دولار.
الأب نوئيل موسكات الفرنسيسكاني.
زوروا منظّمة هالو تراست
يقع المكان الذي نال فيه يسوع معموديّته، وفقاً للتقليد، في وادي الخرّار (على الجانب الأردني لنهر الأردن). ويُطلِق انجيل القديس يوحنا على المكان إسم "بين عنيا عبر الأردن" (يوحنا 1: 23). وكان قد إكتشَف هذا الموقع عالم الآثار الراهب الفرنسيسكاني ميشيل بيتشيريلّو. منذ عام 2000، أصبح هذا الموقع مركزاً روحيّاً من الدرجة الأولى يقصده الحجاج والسوّاح أثناء زيارتهم للأردن، وقد شُيّدت في المكان إحياءاً لذكرى عمّاد يسوع، عدّة كنائس تعود لطوائف مسيحية مختلفة. تعود أوّل شهادة وصلت إلينا وتعبّر عن اهمية هذا المكان إلى سنة 570، نقلاً عن حاجّ مجهول الهويّة من مدينة بياتشينزا الإيطالية. وتتحدّث هذه الشهادة عن وجود صليب محفور على عامود من الرخام وسط النهر، يشهد لذكرى معموديّة المسيح. أمّا موقع العمّاد الحالي في الأردن، فإنّه يحيي أيضاً ذكرى إيليّا النبي والعديد من المسيحيين الأوائل، النساك والحجّاج، ومن بينهم القديسة مريم المصريّة.
وعلى العكس من ذلك، عند الجانب الغربي لنهر الأردن، في منطقة تقع اليوم تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، اعتاد المسيحيّون منذ قرون طويلة على إحياء ذكرى عمّاد المسيح. كذلك فإن كنائس مسيحية مختلفة تملك هناك قطع أراضٍ أقامت فيها أماكن للعبادة على هذا الجانب من النهر الذي يعدّ الوصول إليه أسهل على الحجّاج القادمين من الأرض المقدّسة. منذ عام 1967، نتيجة للحرب التي اندلعت بين اسرائيل والأردن، أضحى من المستحيل على الحجّاج والسوّاح الوصول إلى هذه المنطقة التي أصبحت حقلاً ضخماً من الألغام (55 هيكتاراً) ومنطقة عسكريّة. تعرف هذه المنطقة بإسم "قصر اليهود". بمناسبة زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للأرض المقدسة، تمّ فتح مجال محدود للوصول إلى النهر. وفي عام 2011 قامت السلطات الإسرائيلية بنزع الألغام من مساحة صغيرة تقع بالقرب من النهر، لتسهيل عمليّة وصول الحجّاج إلى نهر الأردن من الجانب الغربي.
في هذا العام، شرعت احدى أكبر المنظّمات الإنسانيّة المتخصّصة في إزالة الألغام، وتدعى "هالو تراست" (HALO Trust) بإزالة الألغام تماماً من هذه المنطقة، وذلك بعد التوصّل إلى عدّة اتّفاقيّات مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية والكنائس المسيحية المختلفة. وهكذا فسيكون بإمكان الحجّاج الإقتراب من المكان بمزيد من الأمان، كما وستتمكن الكنائس المسيحية من التمتع بحقّ استخدام أملاكها التي لا يمكن اليوم الوصول إليها.
تشترك ثماني كنائس في ملكية هذه المنطقة. تملك الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، ممثّلة بحراسة الأراضي المقدّسة، أرضاً تمتدّ إلى الجنوب من أحد أقسام الطريق التي تربط أريحا بنهر الأردن، بينما تملك بطريركيّة الروم الأرثوذكس الأورشليمية قطعة من الأرض تمتد على الجانب المقابل تماماً، أي إلى الشمال. أمّا الكنائس الأخرى فهي تملك أراض تمتد إلى الجنوب من هاتين المنطقتين، وهذه الكنائس هي: الأرمن والأقباط والأثوبيون والرومانيون والسريان والروس الأرثوذكس.
عند مدخل الموقع مباشرة يوجد دير أورثوذكسي يدعى "Prodomos" أي "السابق"، يقع في منطقة قصر اليهود. يذكّرنا هذا الإسم بالمكان الذي منه عبر شعب اسرائيل نهر الأردن لدخول أرض الميعاد.
تملك حراسة الأراضي المقدّسة بناءاً صغيراً مستدير الشكل، تحتفل فيه بعيد عمّاد المسيح. ووفقاً للمصادر التاريخية، فقد حجّ الرهبان الفرنسيسكان إلى هذا المكان منذ عام 1641 على الأقل. في الأعلى، وبدءاً من النهر، تملك حراسة الأراضي المقدّسة أرضاً مساحتها أكبر من هذه، كنّا قد ذكرناها في بداية المقال. هذه الأرض هي عبارة عن قطعة مربّعة، يقع في مركزها مصلّى صغير مكرّس للقديس يوحنّا المعمدان، تمّت مباركته وتدشينه في 11 حزيران 1935. اعتاد الرهبان الفرنسيسكان قبل حرب عام 1967 المجيء من أريحا للإحتفال بذكرى عمّاد المسيح في هذا المكان في آخر يوم خميس من شهر تشرين الأوّل. وبعد حربّ عام 1967، استمرّ الرهبان في المجيء إلى المكان يرافقهم الجيش الإسرائيلي حتى البناء المستدير. أمّا المنطقة التي بنيت فيها الكنيسة عام 1935 فهي تقع الآن خارج الحدود، ونجد فيها لوحات تشير إلى أنّ المكان مزروع بالألغام. لا تزال جذور أشجار النخيل التي كانت تزيّن الأرض هناك موجودة. وعلى الناحية المقابلة من الطريق، هناك قطعة أرض مشابهة تملكها بطريركية الروم الأرثوذكس (Rosario PIERRI OFM, Nel Luogo del Battesimo di Gesù, in Eco di Terra Santa ]كانون الثاني وشباط 2013 [).
يحيي الرهبان الفرنسيسكان في يومنا هذا ذكرى عمّاد المسيح عند احتفالهم بعيد عمّاد الربّ في الأحد الأوّل الذي يلي عيد ظهور الربّ (6 كانون الثاني). قامت سلطات الجيش الإسرائيلي بإدخال بعض التحسينات على ضفة النّهر للتسهيل على الحجّاج عملية الوصول إلى المياه. وعندما ستتم إزالة الألغام من كافّة أنحاء المنطقة، فإن الفرصة ستتاح لإستقبال آلاف الحجّاج الذين يزورون نهر الأردن، في مختلف أماكن العبادة التي لا تزال أطلالها ظاهرة للعيان.
تشجّع منظّمة "هالو تراست" الكنائس المسيحية على خلق الوعي بأهميّة إزالة الألغام من هذه المزارع الضخمة التي تحتوي على 3800 لُغم. تُقَدَّرُ التكلفة التامّة لعمليّة تنظيف المنطقة من الألغام بأربعة ملايين دولار.
الأب نوئيل موسكات الفرنسيسكاني.
زوروا منظّمة هالو تراست