رسالة الفصح من كنيسة القيامة يوجهها الأب فرانشيسكو باتون | Custodia Terrae Sanctae

رسالة الفصح من كنيسة القيامة يوجهها الأب فرانشيسكو باتون

نحن داخل مبنى القبر المقدس في المكان الأكثر أهميةً لنا نحن المسيحيين.
هذه المنطقة تضم القبر المنحوت في الصخر، الذي أعدّه يوسف الرامي لنفسه وجعله متاحا لدفن يسوع.
تحت حجر الرخام هذا توجد الصخرة التي سُجّي عليها جسد يسوع مساء يوم الجمعة العظيمة، بعد مسحة أولى سريعة بالزيت، وتغطية وجهه بكفن، ولفِّ جسده بقطعة قماش جديدة من الكتان.
في صباح اليوم الثالث، صباح عيد الفصح، جاءت مريم المجدلية ومعها نساء أخريات إلى هنا، فرأينَ الحجر المدحرج والقبر الفارغ عندما أوصاهن ملاك مرسل من الله بعدم البحث عن الأحياء بين الأموات.
في صباح عيد الفصح ذاته، قَدِم بطرس ويوحنا مسرعيْن إلى هنا، واستطاعا أن يريا القبر الفارغ، وقِطع الكتان، والكفن المطوي.
أقنعت هذه العلامات القليلة والبسيطة التلميذ المحبوب الذي آمن بها بمجرد رؤيته لها! آمن أن يسوع، في لحظة ضوء، قد قهر الموت ونقل إنسانيتنا، وجسدنا، إلى حياة الله ذاتها.
في الناصرة، لحظة "نعم" مريم، صار الكلمة جسدًا، وبدأ الله يختبر الحياة الإنسانية في رحم مريم.
هنا - في موقع القيامة - تدخل حياتنا الإنسانية الهشة والفانية عالمَ الخلود، الذي يصبح حياة في الله تتجاوز تجربة الموت وتمتلئ بالحياة.
كان رحم مريم المكانَ الطبيعي، الذي دخل من خلالِه اللهُ في الزمن بتجسّدِ ابنه، ليشاركنا وجودنا الإنساني. وهذا المكان، أي القبر المقدس، هو بمثابة رحم كذلك، حيث تبدأ إنسانيتنا بالعيش في الله، بَدءاً من اللحظةِ التي يقوم فيها يسوع، ابن الله المتجسد.
لهذا السبب يعتبر القبر الفارغ مهما جدا بالنسبة لنا، لأنه يشكّل أساس إيماننا ورجائنا. فبعد قيامة يسوع هنا، نعلم علم اليقين أن الموت يُقهَر. ونعلم أيضا أن الموت لم يعد يمتلك الكلمةَ الفصل في حياتنا وفي حياة الناس الذين نحبهم. نعلم أن هناك شخصا أقوى من الموتِ نفسه.
منح يسوع حياته بمحبّة خالصة، فقهر الموت إلى الأبد، وأتاح لنا أيضا إمكانية أن نكون معه في سرّ الفصح، في حياة الله ذاتها.
وعلى مر التاريخ البشري، هذا هو الاكتشاف الأكثر أهمية. فهذا الحدث غير حياتنا إلى الأبد.
يسوع القائم من بين الأموات الذي قهر الموت، أدخلنا إلى الأبد في حياة الله، وهي حياة كاملة، فضلا عن كونها شركةَ حبٍ وفرحٍ تتجاوز مخيّلتنا.
من هذا المكان المميز، أتوجّه إلى كل واحد منكم بتحيات عيد الفصح باسم الإخوة في حراسة الأرض المقدسة.



وسواء كنا نعيش على بعد خطوات قليلة أو على بعد آلاف الأميال من هذا المكان المقدس، ففي عيد الفصح نحن جميعنا هنا، في هذا القبر الفارغ. وهنا يمكننا أن نطرح كل شيء يتحدث في حياتنا عن الموت. هنا نتعلم تمييز علامات القيامة التي نستطيع أن نلمحها من خلال يسوع. هنا نتعلم بأننا، مع يسوع القائم، نستطيع أن نعيش في الله.
عيد فصح سعيد لكم ولعائلاتكم