رسالة الميلاد 2007 | Custodia Terrae Sanctae

رسالة الميلاد 2007

«الشَّعبُ السَّائِرُ في الظُّلمَةِ أَبصَرَ نوراً عَظيماً والمُقيمونَ في بُقعَةِ الظَّلام أَشرَقَ علَيهم النُّور» (أشعيا 9: 1) إخوتي وأخواتي الأعزاء


أنظار العالم كلّه تتّجه اليوم صوب بيت لحم، متلهّفاً إلى رجاء جديد وحاجة ماسة إلى سلام حقيقي، يزعزعان أعماق نفسه. أما نحن الّذين نعيش هنا في الأرض المقدسة، فإننا نعود من جديد لنحتفل بعيد الميلاد وقلوبنا مشتعلة بنعمة لا تزال تدهشنا وتفاجئنا باستمرار. وكأن هذا العيد يريد أن يتحدى شيخوختنا الداخلية ليعود إلينا صفاء الشجاعة التي كنا نتمتع بها ونحن أطفال، حين كنا نؤمن أن كلّ الخير يمكن تحقيقه. الحاجة الماسة إلى السلام تخنق قلوبنا، ولكن المآسي المتكررة التي نشهدها من حولنا، تحثنا وتدفعنا لنستعطي الرجاء. وإذ نوجّه أنظارنا صوب مغارة بيت لحم، نجد الرجاء والأمل يملآن نفوسنا بإمكانية تحقيق عالم أفضل. حاجتنا إلى المحبة، والتي ثبّتت جذورها في أعماق نفوسنا، إزاء فقر بيت لحم، تجعلنا نرتعش برجاء جديد.

يبدو الإحباط وخيبة الأمل اللذان يثقلان على قلوبنا كحجر الرحى، وكأنهما آخذان بالانحلال والتفتت. أمام سرّ الله الذي يولد طفلاً في مغارة الرعاة، لا يسعنا أن نرفض الرجاء.
في عيد الميلاد، حتى الإنسان الذي جرحته الحياة بعنف وقسوة شديدة، يعيد اكتشاف حقيقة أن الله لمْ يتوقّف عن السكنى في وسطنا. الحروب والعنف لا يملكان الكلمة الأخيرة التي تريد أن تختتم تاريخ البشرية. الكراهية واليأس لن يُخْضِعا الحاجة إلى المحبّة والتي تثابر بعناد وإصرار للحفاظ على مكان سكناها في النفس البشرية. في صمت بيت لحم، يشعشع نور الله وينير السبيل للإنسان.

من شأن تجربة خيبة الأمل والفشل الاجتماعي، أن تجفّف آفاق النفس، لكن إذا ما وجّهنا أنظارنا صوب نجمة بيت لحم، تعود الحياة لتضيء من جديد، فنفهم من خلال حكمة الإيمان البسيطة والملموسة، أنّ الله يحبنا باستمرار. يسوع المسيح، ابن الله، أتى وسكن في هذه الأرض حتى يُجْري فينا نحن أيضاً عجائب الفرح والأخوّة. فلنوجّه أنظارنا بفرح ووجل صوب العائلة المقدسة، صوب يوسف والعذراء القديسة، وليخطفنا نقاء فرحهما ويلفّنا بحلاوته. لقد عاشا فقرين، لكنّهما تحلاّ بالشجاعة الكافية ليؤمنا. في ليلة الميلاد هذه، نرفع صلواتنا حتى نتمكن نحن أيضاً من نيل الشجاعة لتغيير حياتنا. «كان النُّورُ الحَقّ الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان آتِياً إِلى العالَم» (يو 1: 9)، ونحن إذ ثَمِلْنا أخيراً من الرجاء الذي لا يَخْذُل أبداً، نستطيع أن نكون شهوداً
على ذلك.

نتمنى للجميع عيد ميلاد سعيد وسنة جديدة مباركة ملؤها السلام والمحبّة.

الأب بييرباتيستا بيتسابالا
حارس الأراضي المقدس