"وأنتَ، أينَ أنت؟" المسيرة الفرنسيسكانية في لبنان | Custodia Terrae Sanctae

"وأنتَ، أينَ أنت؟" المسيرة الفرنسيسكانية في لبنان

جمعت المسيرة الفرنسيسكانية الصيفية التقليدية هذا العام شباناً وفتياتٍ لبنانيين وسوريين وعراقيين. ورغم الصعوبات التي تمر بها المنطقة، أتاحت هذه المسيرة للشبان والفتيات فرصة لعيش لحظات أخوية والتعمق في ايمانهم.

شارك في المسيرة الفرنسيسكانية هذا العام ثمانية وتسعون شاباً وفتاة يبحثون عن اجابة على هذا التساؤل. انطلقت المسيرة من زحلة، في البقاع، مروراً بدير القديس فرنسيس التابع للرهبان الفرنسيسكان الديريين في نقّاش، ومن ثم بدير الراهبات الفرنسيسكانيات في الشمال من بيروت، لتختتم بقداس إحتفالي ترأسه الأب سيمون حيرّو، الرئيس الإقليمي للفرنسيسكان، بمشاركة الرئيسان الإقليميان للرهبان الكبوشيين والفرنسيسكان الديريين في لبنان.

"وأنت، أين أنت؟"
اجتمع أربعون شاباً وفتاةً من لبنان، مع أربعين شاباً وفتاة من سورية (دمشق وحلب واللاذقية)، اضافة إلى سبعة من اللاجئين العراقيين في لبنان أصلهم من قراقوش، للمشاركة في خبرة البساطة التي تتميز بها الحياة الفرنسيسكانية وروحانيتها. رافق الشبانَ والفتيات ثلاثةٌ من الإخوة الأصاغر التابعين لحراسة الأراضي المقدسة، اضافة إلى أربعة من الرهبان الكبوشيين وثلاث راهبات ينتمين لعائلات فرنسيسكانية مختلفة في لبنان.

تهدف هذه المسيرة أولاً إلى مساعدة الشبان والفتيات على التصالح مع ماضيهم، وعيش الحاضر بصورة أفضل مستفيدين من نعمة اللحظة الحاضرة، للنظر بأمل إلى المستقبل رغم الصعوبات اليومية التي يواجهونها.

"وأنت، أين أنت؟"
هو ليس مجرد سؤال بسيط. بل إنه الواقع الذي يعيشه شبابنا، لذلك فإن الهدف من هذه المسيرة هو أن نضع هؤلاء الشبان والفتيات أمام مسؤولياتهم التي يواجهونها في بلد تمزقه الحرب والكراهية، داعين إياهم ليكونوا علاماتٍ وشهوداً في عالم اليوم. إنه الهدف غير المباشر للمسيرة: أن نُخرج شبابنا من الضغط اليومي الذي يتعرضون له، كي نتيح لهم النظر إلى الواقع بمزيد من الحرية، مع محاولة فهمه والتعامل معه بطريقة أفضل:
• بالنسبة للبنانيين فإن الهدف هو قبول الآخر كعطية من الله، وأن نعيش معه خبرة الأخوة ضمن جماعة تشكل أقليّة.
• بالنسبة للسوريين، الهدف هو قبول التحديات اليومية والتحول إلى علامات تشع أملاً.
• بالنسبة للعراقيين، فإن الهدف هو قبول ظروف الحياة الجديدة، والنضال في سبيل التغلب على ذاكرة الماضي المجروحة.

اعتقدنا في البداية أننا سنواجه صعوبات في تحقيق هذا المشروع. لكننا اكتشفنا أثناء المسيرة - ومن خلال المشاركة في التعب اليومي (قطعنا مسافة 84 كيلومتراً) - شباناً وفتياتٍ لديهم سخاء كبير ظهر من خلال استعدادهم الدائم للخدمة وانفتاحهم على الآخر، الأمر الذي يدل على متانة تنشأتهم الإنسانية والإجتماعية والروحية.

ألقى المحاضرات اليومية عدد من الرهبان الفرنسيسكان التابعين لحراسة الأراضي المقدسة، والرهبان الكبوشيين والديريين. وأصغى المشاركون كذلك إلى الشهادة التي ألقتها مجموعة من المدمنين السابقين المقيمين في مركز العناية في زحلة، ومن بينهم فتاة مسلمة نالت سرّ العماد. ألقى شهادةً أخرى أحدُ المسؤولين عن مجموعة من المرسلين في بيروت، حث فيها الشبان والفتيات على حمل بشرى الإنجيل إلى سائر البشر وإلى الإفتخار بمعموديتهم.

انتهت المسيرة، وعاد الشبان والفتيات إلى رعاياهم حاملين في قلوبهم لأنفسهم جواباً، ولسائر الشبان والفتيات سؤالاً: "وأنت، أين أنت؟"

نقدم تهانينا وكلنا شوق لأن نلتقي مرة أخرى في المسيرة القادمة التي ستقام ما بين الرابع والحادي عشر من آب 2016.

الأب توفيق أبو مرعي الفرنسيسكاني