يوم 24 كانون الأوّل في بيت لحم | Custodia Terrae Sanctae

يوم 24 كانون الأوّل في بيت لحم

لم تكن الساعة قد دقت بعد التاسعة صباحا، عندما بدأت تدب الحياة في البلدة على أنغام الكشافة. بحسب التقليد، عليهم أن يفتتحوا طابور السيارات التي تسبق سيارة البطريرك، المونسينيور ميشيل صبّاح، لدى دخوله الاحتفالي المتوقع أن يكون في تمام الساعة الواحدة ظهراً. جميع الفرق الكشفية هناك، ليس فقط الكشاف الكاثوليكي في بيت لحم ورفقائهم من القدس الذين قد شاركوهم، ولكن أيضا الفرق الكشفية الخاصة بالروم الأرثوذكس، السريان، الأقباط، الأرمن من تجمع مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور. يقومون باستعراض كشفي، وجميع الموجودين يقدرون هذا الاحتفال الذي يساعدهم على الخروج، خمسة أيام في السنة [1]، من حالة فقدان الحس بالفرح الذي يمليه الوضع السياسي منذ سنوات. في تمام العاشرة والنصف، يبتدئ استعراضهم، وساحة المهد تعج بالناس الذين يزاحمون الحواجز الواقية. لم يكن مسلمو المدينة آخر من قدر هذا الاستعراض حق قدره. يقال أنه سيكون هنالك الكثير من الناس بمناسبة عيد الميلاد، والجميع فرح.

منذ الصباح، وأعداد كبيرة من السياح تتدفق محاولة الوصول إلى بازيليكا الميلاد، نراهم خارجين منها فيما بعد، يركضون، كي يستطيعوا رؤية الفرق الكشفية وأخذ الصور التي ستكمل ألبومهم. هنالك حاج ألماني شديد الانفعال، لقد قطع 5000 كيلومترا على دراجته الهوائية من أجل الوصول إلى بيت لحم يوم عيد الميلاد.
يقوم بعض الاخوة الفرنسيسكان بالتحضيرات الأخيرة، بينما يقوم آخرون بالإجابة على المراسلين الصحفيين الذين يريدون تحضير بثهم المتوقع أن يبدأ في منتصف النهار. الأب إبراهيم فلتس مطلوب من مختلف التلفزيونات المحلية، لأجل المقابلة. الجزيرة، القناة التلفزيونية القطرية الشهيرة، والتي تبث في الوطن العربي بأسره [2]، هناك أيضاً. فكل كلمة يجب أن تكون في الحسبان.

أمام البازيليكا، العديد من ذوي الحرف يعيشون يوما كبيرا: الصحفيون، ولكن أيضا البائعون المتجوّلون والأدلة السياحيون الفلسطينيون.
توبخ الشرطة، المتواجدة بأعداد مذهلة، بحزم، جميع الأولاد الذين يحاولن الاستفادة من قدوم هذا الكم الهائل من الحجاج كي يستعطوا.
عند منتصف النهار، تحرك موكب السيارات متجها إلى مار الياس، دير الروم الأرثوذكس، الذي يدل تقليديا على دخول تجمع بيت ساحور وبيت لحم وبيت جالا. كما في جميع الدخلات الاحتفالية، يسمح للسيارات الفلسطينة ( [3])، التي حصلت على الحق بذلك، الخروج من الطريق الرئيسية القديمة والتي تمر بجانب قبر راحيل. تم العبور دون أي مشكلة، وقد تأكد الجيش الإسرائيلي من كون جميع السيارات التي عبرت، كانت مجهزة بتصريح عبور.

في مار الياس، كان انتظار البطريرك تحت أشعة شمس ساطعة وحارة. الجو هادئ، القائد العسكري الجديد في منطقة جوش عتصيون، درزي. يتكلم العربية بطلاقة وقد قبَّل البطريرك لدى خروجه من السيارة وعلى وجهه ابتسامة. هناك، أمام الدير يستقبل البطريرك التهاني من جميع المسيحيين الحاضرين، ويجيب على الصحافيين. حتى “التساهال”، الجيش الإسرائيلي، كان قد أرسل مراسليه ومصوريه. حتى الجنود الشباب الإسرائيليون كانوا فرحين للعيد، لرؤيتهم فولكلورا يجهلونه، بحضور فلسطينيين وفي جو من السلام. أقله، سيترك لهم عيد الميلاد الشعور بالسلام.
الموكب لا يتقدم: “هنالك الكثير من السيارات” يقول الأب إبراهيم. في الواقع ففي بيت لحم هنالك أزمة سير تحول دون حرية الحركة، حتى على مستوى المشاة. لدى وصولهم إلى ساحة المهد سيكون التأخير قد امتد إلى ساعة ونصف.

يستقبل الأب جيرسي كراج لأول مرة، وكحارس القديسة كاثرينا، البطريرك أمام مدخل البازيليكا عند “باب التواضع”. تم عبور الطريق المؤدي إلى صحن الكنيسة، حيث يلتقي البطريرك الممثلين الأرثوذكس، ومن ثم يتوجه إلى رواق القديس ايرونيموس ومنه إلى بازيليكا القديسة كاثرينا. تستكمل الصلاة التي بدأت عند فناء البازيليكا بصلاة Benedictus و Te Deum، بصلاة الغروب الأولى الخاصة بالعيد، يليها الدورة إلى المغارة. انضم إلى الفرنسيسكان واكليريكيي البطريركية عدد غفير من المصلين. ببداية الصلاة، بدأ عمل سر الميلاد. تفصلنا عن قداس منتصف الليل بضع ساعات. إنها الخامسة مساءا، وقد حل الليل. يتوافد الحجاج، وهم بضعف ما كانوا عليه في السنة الماضية حيث يقول أحدهم أن عددهم قد وصل من 20 إلى 000 30 حاج. لم يرى مثل ذلك منذ بداية الانتفاضة الثانية في سنة 2000. يعلق الصحفيون على آمال للسلام. امرأة فلسطينية من سكان بيت لحم تقول لي: “إننا نود أقل قليلا من الأمل والصحفيين وأكثر قليلا من الواقعية.” انه عيد الميلاد، فهلا ندع أمير السلام يأخذ مكانه كله؟

ماري أرميل بوليو

[1] المناسبات الأخرى هي دخول الحارس مرتين إلى القديسة كاثرينا وعيد ظهور الرب ودخول البطاركة الأرثوذكس في عيد الميلاد لديهم في 6 كانون الثاني، كما والخاص بالأرمن في 18 كانون الثاني.
[2] يقدر عدد الذين يشاهدون قناة الجزيرة باللغة العربية اليوم بِ 35 إلى 40 مليون مشاهد يوميا في العالم أجمع.
[3] تعرف السيارات الفلسطينية من نمرها البيضاء والتي تكون الكتابة عليها باللون الأخضر